عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
شرح رسالة أبو زيد القيرواني
42332 مشاهدة
الله تعالى له الأسماء الحسنى والصفات العلى وأدلة ذلك من القرآن


وله الأسماء الحسنى والصفات العلى: أسماء الله تعالى كلها حسنى، قال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وقد جاء في حديث: إن لله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة .
وذُكر في بعض الروايات سرد تلك الأسماء إلى أن وصلت تسعة وتسعين، والصحيح أن الذي جمعها بعض الرواة، أي: جمعوها من القرآن، وإلا فأسماء الله كثيرة ليست محصورة، ولكن هذه التسعة والتسعون: من أحصاها دخل الجنة ؛ إذا حفظها وعمل بها، واعتقد ما تدل عليه، واعتقد أنها كلها ثابتة، ووصف الله تعالى بموجبها.
من عقيدة أهل السنة: أنهم يعتقدون أن أسماء الله تعالى كلها حسنى، وأنه لا يوصف ولا يسمى بأسماء ليست من الأسماء الحسنى، هناك الأسماء المزدوجة لا يذكر واحد منها إلا مع الآخر؛ لأن ذكر واحد منها قد لا يكون من الحسنى، المزدوجة مثل: الخافض الرافع؛ فلا يذكر الخافض فقط بل يذكران معًا: الخافض الرافع، وكذلك أيضًا المعطي المانع؛ فلا يذكر المانع وحده: المعطي المانع، ومثل المعز المذل؛ فلا يذكر المذل وحده بل المعز المذل قرينان، وهكذا فدل ذلك على أن الأسماء كلها حسنى، وأن منها ما يكون مقترنا بآخر الذي هو ضده.
كذلك نعتقد أن كل اسم من أسماء الله تعالى له ثلاث دلالات: دلالة على الذات بالمطابقة، ودلالة على المعنى المشتق منه بالتضمن، ودلالة على بقية الصفات بالالتزام نذكر مثالا: الرحمن يدل على الله، يدل على ذات الله تعالى ولا ينطبق إلا عليه، فدلالته على ذات الله تعالى دلالة مطابقة يعني: مثل الله لا ينطبق حقا إلا على ذات الله تعالى، كذلك الصفة التي اشتق منها وهي الرحمة، يدل على الرحمة دلالة تضمن؛ يتضمن صفة الرحمة.
كذلك بقية الأسماء وبقية الصفات نقول: إذا كان رحمانًا واسع الرحمة، يلزم أن يكون سميعًا، يلزم أن يكون غنيا، يلزم أن يكون قديرا، يلزم أن يكون بصيرا؛ وهكذا لأنه لا يكون رحيمًا إلا إذا كملت صفاته، فهكذا أسماء الله تعالى كلها حسنى، ذكر ذلك في ثلاثة مواضع في سورة الأعراف: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وفي طه: اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وفي آخر الحشر: هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى .
وله الصفات العلى:
صفات الله تعالى مشتقة من أسمائه، وهي صفات عالية، صفات رفيعة؛ فإذا وصفناه سميناه بالعليم، فصفة العلم صفة عليا، وصفة السمع والبصر صفات على، وصفة القدرة والإرادة والمحبة والعلم والإرادة وصفة العلو، وصفة القرب، وصفة المراقبة، وما أشبهها كلها صفات عالية رفيعة نصف الله تعالى بها، ونعلم أنها لا تشابه صفاتنا؛ فكما أنه متوحد في ذاته فكذا في صفاته، يقول هنا:
لم يزل بجميع صفاته وأسمائه يعني:
أنها قديمة قبل أن توجد آثارها؛ كما قال الطحاوي في عقيدته ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بعد رزقهم استفاد اسم الرازق.
يعني أنه اسم من أسمائه الخالق قبل أن يُوجِد الخلق، والرازق قبل أن يوجدوا فيرزقهم، وكذلك بقية أسمائه، من أسمائه: المحيي المميت قبل أن يوجد من يحييهم ومن يميتهم، ومن أسمائه المعز المذل قبل أن يوجد أناس يعزهم أو يذلهم، وهكذا لم يزل بصفاته، قديمة صفاته وأسماؤه أيضًا؛ قديمة صفاته بقدم ذاته، تعالى: أي أن تكون صفاته مخلوقة يعني كما أن ذاته ليست مخلوقة فكذا صفاته.
النفاة والمعطلة ينفون الصفات، ويدعون أن إثباتها إثبات للحوادث فيقولون لمن أثبتها: أنكم أثبتم حلول الحوادث بذات الله، ونقول: تعالى الله أن تحل به الحوادث، ولكنهم لا يفقهون.
فمعنى حلول الحوادث يقولون: إذا قلنا: مثلا أنه يرحم فالرحمة شيء جديد حلت به، وإذا قلنا: إنه يحب؛ فالمحبة شيء جديد حل به، وإذا قلنا: إنه يغضب أو يرضى فهذا شئ جديد يحل به فيكون محلا للحوادث، هكذا يعللون؛ فلذلك نفوا هذه الصفات فيقول المؤلف: تعالى أن تكون صفاته مخلوقة، فهو متصف سبحانه بالغضب وبالرضا قبل أن يوجد خلق يرضى عنهم أو يغضب عليهم، وكذلك بالحب والكراهية قبل أن يوجد من يحبهم ومن يكرههم ومن يبغضهم، فصفاته قديمة فلا تكون ذاته محلًا للحوادث، وأسماؤه ليست محدثة، ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق، ولا بعد رزقهم استفاد اسم الرازق أو الرزاق بل هو سبحانه وتعالى الرزاق قبل أن يوجد من يرزقهم.